مقابلة مع Matthew Walker

Neuroscientist

بواسطة Rich Roll2021-05-10

Matthew Walker

ريتش رول لم يتجنب الهوس قطّ، وقليلٌ من الأمور أسرتْه أكثر من اللغز العميق والضرورة التي لا يمكن إنكارها للنوم. لذا، عندما جلس الدكتور ماثيو ووكر، أحد أبرز علماء النوم في العالم ومؤلف الكتاب الرائد "Why We Sleep"، أخيراً لإجراء محادثة استمرت ثلاث ساعات على Rich Roll Podcast، كان الأمر أكثر من مجرد مقابلة؛ كان غوصاً عميقاً في الضرورة البيولوجية التي لا يمكن المساومة عليها والتي ترتكز عليها حياتنا برمتها. ومنذ اللحظات الأولى، كان من الواضح أن هذا لم يكن مجرد نقاش؛ بل كان استكشافاً لأحد أهم جوانب صحة الإنسان تأثيراً، ومع ذلك يُغفل غالباً.

مفارقة الراحة التطورية

يبدأ الدكتور ماثيو ووكر بتحدي افتراض أساسي: لماذا ننام؟ يقترح تحولاً جذرياً في المنظور، مشيراً إلى أن "السؤال لا ينبغي أن يكون: لماذا ننام؟ السؤال الحقيقي هو: لماذا نحن مستيقظون؟" هذه الفكرة، على الرغم من أنها لم تُثبت علمياً بعد، تعيد صياغة النوم لا كانقطاع لليقظة، بل كحالة افتراضية للحياة. من وجهة نظر تطورية، يبدو النوم غير منطقي – فهو يتركنا عرضة للحيوانات المفترسة، ويمنع التزاوج والبحث عن الطعام ورعاية الصغار. إنه غير مفيد لدرجة أن ووكر يفترض: "إذا لم يخدم النوم مجموعة وظائف حيوية للغاية، فمن المحتمل أنه أكبر خطأ ارتكبته العمليات التطورية على الإطلاق."

ومع ذلك، استمر النوم، وتطور جنباً إلى جنب مع الحياة نفسها، ووُجد حتى في ديدان الأرض القديمة. هذا الوجود الدائم عبر التطور، على الرغم من "غبائه" الظاهري، يشير إلى أهميته العميقة. التعقيد الهائل لما يحدث أثناء النوم، حيث يصبح الدماغ أكثر نشاطاً بنسبة تصل إلى 30% خلال مراحل معينة، يحطم الاعتقاد الخاطئ بأنه حالة خمول. هذه إعادة الصياغة الأولية تمهد الطريق لفهم لماذا، بعيداً عن كونه رفاهية، النوم ضروري لكل عملية للعقل والجسم.

أفكار رئيسية:

  • قد يكون النوم قد تطور قبل اليقظة، مما يشير إلى أنه الحالة الافتراضية للحياة.
  • من منظور تطوري، يبدو النوم "غبيًا" بسبب نقاط ضعفه الكامنة، لكنه قديم ومحفوظ عالميًا.
  • غالباً ما يكون الدماغ أكثر نشاطاً خلال مراحل معينة من النوم مما هو عليه أثناء اليقظة، مما يدحض فكرة كونه حالة سلبية.

المخرب الصامت: الحرمان المزمن من النوم

على الرغم من ضرورته البيولوجية، يواجه النوم وصمة عار مجتمعية كبيرة. يشير ووكر إلى كيف يصف المجتمع غالباً النوم الكافي بـ "الكسل"، مما يدفع الكثيرين للهمس حول حاجتهم "يا إلهي، ربما حوالي ثماني ساعات من النوم" وكأنه سر مخجل. يؤدي هذا الضغط الثقافي، بالإضافة إلى ساعات العمل الطويلة والتنقلات، إلى أن يكون النوم هو أول ما يتم التضحية به من حياتنا المزدحمة. يعترف ريتش رول نفسه بالتحدي المتمثل في الحصول على قسط كافٍ من النوم بانتظام، حتى مع كل معرفته.

عواقب هذا الحرمان المزمن وخيمة. يذكر ووكر بشكل قاطع أن "النوم للأسف ليس رفاهية اختيارية في نمط الحياة، إنه ضرورة بيولوجية لا يمكن المساومة عليها. إنه نظام دعم حياتك." يكشف أن صفر بالمائة من السكان يمكنهم الازدهار على أقل من سبع أو ثماني ساعات من النوم دون إعاقة. القضية الحاسمة هي إدراكنا الذاتي: "إحساسك الذاتي بمدى أدائك عندما لا تحصل على قسط كافٍ من النوم هو مؤشر بائس على أدائك الحقيقي (الموضوعي)." نتكيف مع نسخة ناقصة من أنفسنا، غير مدركين للتدهور. حتى ساعة واحدة من النوم المفقود، كما يتضح من التوقيت الصيفي، لها تأثيرات دراماتيكية، مع "زيادة بنسبة 24% في النوبات القلبية في اليوم التالي" في الربيع.

دروس رئيسية:

  • يوصم المجتمع النوم غالباً، مساويًا إياه بالكسل، مما يؤدي إلى إهمال واسع النطاق.
  • لا أحد يستطيع أن يعمل بكفاءة قصوى على أقل من 7-8 ساعات من النوم؛ الكفاية المتصورة مؤشر ضعيف للأداء الموضوعي.
  • حتى فقدان النوم البسيط، مثل ساعة واحدة بسبب التوقيت الصيفي، يمكن أن يؤدي إلى آثار صحية كبيرة مثل زيادة النوبات القلبية.

النوم وصحة الدماغ وطول العمر

يتعمق الحديث في العواقب الفسيولوجية العميقة للنوم غير الكافي، ويرسم صورة واضحة لدوره في الوقاية من الأمراض. يوضح ووكر التأثير الفوري والدراماتيكي على جهاز المناعة لدينا، ويكشف أن ليلة واحدة فقط من أربع ساعات من النوم يمكن أن تؤدي إلى "انخفاض بنسبة 70% في الخلايا المناعية المقاومة للسرطان، سبعين بالمائة، وتسمى الخلايا القاتلة الطبيعية." كما يسلط الضوء على تشوه الجينات، حيث تظهر 711 جينة نشاطاً متغيراً بعد أسبوع واحد فقط من ست ساعات من النوم ليلاً، مما يؤثر على وظيفة المناعة، وتعزيز الأورام، وأمراض القلب والأوعية الدموية.

لعل الأكثر إثارة للدهشة هو عملية إزالة السموم في الدماغ. يصف ووكر بوضوح كيف أن "اليقظة هي ضرر دماغي منخفض المستوى والنوم هو خلاص صحي." أثناء النوم العميق، ينشط الدماغ "الجهاز الغليمفاوي" (glymphatic system)، وهو "نظام صرف صحي" ينظف المنتجات الثانوية الأيضية. الأهم من ذلك، أن هذا النظام يغسل بيتا-أميلويد (beta-amyloid)، وهو بروتين سام مرتبط بمرض الزهايمر. إن إدراك أن الحرمان من النوم يزيد مباشرة من بروتينات الزهايمر يقدم مساراً واعداً: تحسين النوم في منتصف العمر يمكن أن ينقلنا "من نموذج ما لدينا الآن، وهو العلاج في المراحل المتأخرة، إلى الوقاية في منتصف العمر." علاوة على ذلك، يعمل النوم العميق كـ "أفضل شكل من أدوية ضغط الدم"، حيث يبطئ معدل ضربات القلب، ويريح الأوعية الدموية، ويقلل من الكورتيزول، وبالتالي يوفر بوليصة تأمين قوية ضد أمراض القلب والأوعية الدموية.

أفكار رئيسية:

  • النوم ضروري لوظيفة المناعة؛ حتى ليلة واحدة من النوم غير الكافي تقلل بشكل كبير من الخلايا المضادة للسرطان.
  • أثناء النوم العميق، يقوم الدماغ بـ "خلاص صحي" حيوي، ويزيل البروتينات السامة مثل بيتا-أميلويد المرتبطة بمرض الزهايمر.
  • يمثل تحسين النوم في منتصف العمر هدفاً "ثورياً" محتملاً للوقاية من الزهايمر وتمديد فترة الحياة الصحية بشكل عام.
  • النوم العميق يفيد بشكل كبير صحة القلب والأوعية الدموية عن طريق خفض معدل ضربات القلب، وإرخاء الأوعية الدموية، وتقليل هرمونات التوتر.

المهندس الخفي للشهية والعاطفة

تكشف المقابلة أيضاً عن تأثير النوم العميق على صحتنا الأيضية، وإدارة الوزن، وحتى الميول الإدمانية. يشرح ووكر كيف يعطل النوم غير الكافي هرمونين حاسمين ينظمان الشهية: هرمون اللبتين (الشبع) ينخفض، بينما هرمون الغريلين (الجوع) يزداد. يؤدي هذا الخلل الهرموني إلى شعور الناس بالجوع المستمر، وتناول "ما بين 200 إلى 400 سعرة حرارية إضافية كل يوم"، واشتهاء الوجبات الخفيفة الغنية بالكربوهيدرات والسكريات والملح.

أبعد من الهرمونات، يؤدي الحرمان من النوم إلى تغيير نشاط الدماغ نفسه. تظهر الدراسات أنه عند نقص النوم، تكون "مراكز المتعة العميقة والعاطفية في الدماغ... محفزة"، بينما الفص الجبهي، المسؤول عن التحكم في الاندفاع، "يكون قد توقف عن العمل." يفسر هذا المزيج سبب اتجاهنا للأطعمة غير الصحية وسبب ملاحظة ريتش رول، مستنداً إلى تجربته الشخصية في التعافي، وجود علاقة بين قلة النوم وعودة الرغبات القهرية المدمنة والقرارات غير العقلانية. إنه تذكير متواضع بأن حتى الخبراء مثل ماثيو ووكر يمكن أن يقعوا فريسة لمتطلبات البيولوجيا، معترفين بأنه "حتى لو كان لديك، كما تعلم، كل هذه المعرفة، فإن البيولوجيا لا يزال بإمكانها أن تعلمك بضعة دروس." الرسالة واضحة: النوم ليس مجرد راحة؛ إنه نظام التشغيل الأساسي لحياة صحية ومتوازنة.

تغييرات رئيسية:

  • يؤدي النوم غير الكافي إلى اضطراب هرمونات الشهية، مما يزيد من الجوع والرغبة الشديدة في تناول الأطعمة غير الصحية.
  • يؤثر نقص النوم على مناطق الدماغ التي تتحكم في الاندفاع والمكافأة، مما يزيد من الرغبة في تناول الأطعمة غير المرغوبة وقد يغذي السلوكيات الإدمانية.
  • يمكن أن يؤدي إعطاء الأولوية للنوم إلى تحسين كبير في نجاح إدارة الوزن عن طريق تحويل الجسم لحرق الدهون بدلاً من العضلات.

"النوم للأسف ليس رفاهية اختيارية في نمط الحياة، إنه ضرورة بيولوجية لا يمكن المساومة عليها. إنه نظام دعم حياتك." - ماثيو ووكر